نقل رئیس الهیئة الإداریة فی 'تجمع العلماء المسلمین فی لبنان' الشیخ حسان عبد الله عن شیخ الأزهر الشریف الدکتور أحمد الطیب قوله: 'یجب أن لا نسمح ببناء جدار بین الجمهوریة الإسلامیة فی إیران وبقیة العالم الإسلامی' کاشفاً عن اتفاق علی عقد مؤتمر وحدوی برعایة شیخ الأزهر لتوقیع میثاق شرف بین علماء المسلمین السنة والشیعة

وأوضح الشیخ عبد الله فی حدیث لوکالة الجمهوریة الإسلامیة للأنباء 'إرنا' من بیروت الیوم أن الزیارة التی قام بها وفد التجمع لشیخ الأزهر الأسبوع الحالی کانت بهدف استثمار المواقف التی أعلنها الشیخ الطیب حیال الطائفة الإسلامیة الشیعیة، بما یخدم قضیة الوحدة الإسلامیة التی هی أحد أهم الأهداف التی یعمل لأجلها تجمع العلماء المسلمین إلی جانب قضیة المقاومة ضد الاحتلال الصهیونی. مشیراً إلی أن التجمع کان حاول أکثر من مرة القیام بهذه الزیارة قبل سقوط نظام حسنی مبارک إلاّ أن النظام فی مصر وبحجة أو أخری استطاع أن یفشل هذه المساعی.
وکشف الشیخ عبد الله أن وفد التجمع عرض علی شیخ الأزهر اقتراحین لتعزیز الوحدة الإسلامیة، أحدهما أن یقوم بزیارة لبنان لإقامة صلاة جماعة بإمامته یدعی إلیها المسلمون السنة والشیعة، والثانی عقد مؤتمر وحدوی بین علماء السنة والشیعة فی القاهرة وبرعایة شیخ الأزهر، ویتم خلاله تعیین الثوابت الإسلامیة التی یتفق علیها المسلمون وتوقیعها کـ 'میثاق شرف'، مشیراً إلی أن الشیخ الطیب وافق علی الاقتراح الثانی أی عقد المؤتمر العلمائی. لافتاً إلی أن عقد مثل هذا اللقاء وبرعایة شیخ الأزهر تحدیداً - لما له من دور کبیر - من شأنه أن یخفف من حدة الاحتقان المذهبی.
ورداً علی سؤال وصف الشیخ عبد الله اللقاء مع الشیخ الطیب بأنه 'کان ممتازاً وأکثر مما توقعنا أن یکون'، وقال واصفاً شیخ الأزهر: 'هذا العالم فعلاً یتمتع بمصداقیة عالیة وبرؤیة إسلامیة صافیة وشاملة، وهو حریص جداً علی وحدة الأمة الإسلامیة، وهو یقول إنه من جملة الأهداف التی یعمل من أجلها هو السلام فی مصر بین المسلمین والأقباط فکیف بالسلام فی العالم الإسلامی بین المسلمین أنفسهم السنة والشیعة'.
وقال: 'إن همه (شیخ الأزهر) أن تحصل هناک وحدة إسلامیة ولکن ما ینغص علیه ذلک هو ما ینشر عبر بعض الفضائیات والانترنت والکتیبات والکتب التی تصدر من هنا وهناک'، لافتاً إلی أن شیخ الأزهر لا یتهم طرفاً دون الآخر، وإنما یقول: إن هناک خطین عند السنة والشیعة یعملان علی إثارة الفتن تحت عنوان الدفاع عن المذهب، ولکنهما فی الواقع یعملان بهذا العمل علی تحطیم المذهبین معاً والمستفید الأول من ذلک هو العدو الصهیونی'.
وعمّا نقلته إحدی الصحف العربیة عن مطالبة شیخ الأزهر بوقف ما وصفته 'حملات التشیع' قال الشیخ حسان عبد الله: 'إن موضوع التشیع کان أمراً عابراً ضمن الحدیث مع سماحة شیخ الأزهر، ولم یکن بالشکل الذی نقل فی بعض الصحف، ومن أثار الموضوع بهذه الطریقة هم أناس یریدون الفتنة'، موضحاً أن ما نشر 'لم یکن بیاناً صادراً عن الأزهر الشریف، وإنما کان مجرد تسریبات، وهو محاولة لتشویة حتی موقف شیخ الأزهر نفسه'.
ورداً عن سؤال آخر قال: 'إن وفد التجمع إنما أراد أن یوضح لسماحة شیخ الأزهر أنه لیس صحیحاً أن الأمة وصلت إلی الفتنة العارمة، ولیس صحیحاً أن الأمة الإسلامیة موحدة وبألف خیر، وأن هناک مشلکة فی الأمة الإسلامیة یجب أن نعمل علی إزالتها ولذلک نحن ندعو أن یکون هناک عمل برعایته، ومن هناک اقترحنا علیه زیارة لبنان لإقامة صلاة الجماعة، أو عقد المؤتمر العلمائی الوحدوی'.
وأضاف الشیخ عبد الله یقول: 'الرجل کان صریحاً أن العدو الصهیونی لا یرید خیراً لهذه الأمة، ویری أن أعداء الأمة لا مانع لدیهم بأن یتحلی المسلمون بقدر کبیر من الإیمان، صلاةً وصوماً وعبادات أخری، ولکن المهم أن لا تمتلک الأمة الإسلامیة القوة التی یمکن أن تشکل خطراً علی الکیان الصهیونی، ومن هنا دخلنا فی موضوع الجمهوریة الإسلامیة فی إیران، حیث تبین أن لدی شیخ الأزهر نظرة جیدة تجاه إیران وهو یعتقد أن هناک من یسعی لبناء جدار بین إیران وبقیة العالم الإسلامی وعلینا أن لا نسمح ببناء هذا الجدار'.
وأشار إلی أن البعض ینظر إلی الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة علی أنها مرکز رعایة الشیعة، وقال 'أنا قلت له: لماذا لا ننظر إلی الجمهوریة الإسلامیة فی إیران علی أنها قوة مضافة تضاف إلی قوة المسلمین فی العالم الإسلامی'، لافتاً إلی أن 'هناک إعلاناً من قبل الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة بأن کل القوة التی تمتلکها إیران هی قوة لکل المسلمین وفی خدمة الأمة الإسلامیة ولیست موجهة ضد أحد وخاصة الدول الإسلامیة'.
واعتبر الشیخ عبد الله أن 'المشکلة هی أن الآخرین المرتبطین بالدوائر الأمیرکیة ینظرون إلی قوة إیران علی أنها قوة تشکل خطراً علیهم، ویحاولون أن یرعبوا العالم الإسلامی الذی غالبیته من أهل السنة، بأن هذه قوة شیعیة ترید أن تغیر مذهبکم'.
وأوضح الشیخ حسان عبد الله رداً عن سؤال أن ما طرحة شیخ الأزهر فی موضوع التشیع لیس من باب التعرض للحریات الشخصیة فهو یعتبر أنه إذا اختار أحدٌ التشیع بإرادته فهذا من باب الحریة الشخصیة، ولکن ما حکی عنه هو أن لا یکون هناک مشروع تشییع، وهو أکد علی أن المذهب الشیعی معتمد فی الأزهر منذ زمن طویل، ویُدرّس فی الأزهر وحتی أنه یُفتی علی أساسه فی بعض الأماکن ویتم اللجوء إلیه کحل فی کثیر من المعضلات التی لا حل لها عند المذاهب الأخری'.
و أضاف: 'المشکلة عنده هی فی التبشیر الشیعی ضمن مشروع سیاسی – وفق ما ینمو إلیه – ونحن أکدنا له أنه لیس هناک مشروع کهذا، وتحدثنا معه بالتفصیل وقلنا إن عددنا فی تجمع العلماء المسلمین یناهز 180 عالماً من السنة والشیعة، ولم یحصل أن أحداً منّا بدل مذهبه' معتبراً أن تشیع أی عالم سنی فی التجمع لا یفید التجمع ولا أهدافه بل یضره، 'لأننا لا نرید عالماً سنیاً یتشیع وإنما نرید عالماً سنیاً یؤمن بخط الوحدة الإسلامیة بحیث تکون الأمة الإسلامیة أمة واحدة قادرة بوحدتها علی مواجهة خطر أعدائها'.
وأکد الشیخ حسان عبد الله أن الآراء کانت متفقة بین وفد التجمع وشیخ الأزهر حیال موضوع الوحدة الإسلامیة والمقاومة، لافتاً إلی أن الشیخ أحمد الطیب بدأ حدیثه بتوجیه التحیة إلی الأمین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصر الله.
وقال: 'لیس فی مصر حسبما رأینا أحد یختلف علی مفردة المقاومة، ولیس هناک من هو ضد التشیع، ولکن خوف البعض هو أن یکون هناک مشروع سیاسی وراء حرکة التشیع، وهذا لیس موجوداً ونحن عملنا علی أن نوضح هذه المسألة'.
ورداً عن سؤال أکد الشیخ عبد الله أن شیخ الأزهر یکن کل الاحترام للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة وهو استقبل فی الیوم التالی وفداً إیرانیاً وسمع منه مواقفه بصراحة ووضوح'، مضیفاً: 'الرجل ینظر إلی إیران علی أنها دولة إسلامیة کبری، ویعتبر أن هناک بعض التفاصیل لا بد من الاتفاق مع إیران حولها فی إطار ما یسمی 'التفهم والتفاهم' وهذا یحتاج إلی لقاءات، علی اعتبار أن فتح أی قناة لا بد أن تستمر وتتواصل حتی تثمر'.
و عن فتوی سماحة قائد الثورة الإسلامیة الإمام الخامنئی حفظه الله تعالی فی حرمة التعرض لأمهات المؤمنین والصحابة، أکد الشیخ حسان عبد الله أن شیخ الأزهر وعلماء الأزهر اعتبروها 'مسألة مهمة جداً أن یتحدث عالم کبیر علی المستوی السیاسی والدینی عند الشیعة بهذا الشکل، لکنهم کانوا یعتقدون أن هذه الفتوی هی بیان سیاسی یکتسب قوة الفتوی وأهمیتها، وقد بینا لهم أنها فتوی بالمعنی الفقهی. وأن هذه الفتوی أذهلت جماعة الفتنة ولذلک حاولوا اللعب علی الموقف ووصفه علی أنه بیان سیاسی ولیس فتوی'.
ولفت إلی خطورة الدور الذی یقوم به أعداء الأمة عبر محاولات إثارة الفتن المذهبیة، وقال: زیارتنا للأزهر کانت شبه بروتوکولیة، ومع ذلک لاحظنا الحملة التی شنت علیها عبر الصحف، فکیف عندما ندخل فی مشروع مشترک، یجب أن نستمر ونثابر فی خط الوحدة الإسلامیة ولا نضعف ولا نتراجع'.
وأضاف الشیخ حسان عبد الله قائلاً: 'إذا استطعنا کمرجعیة أولی فی العالم الإسلامی السنی وکمرجعیة أولی فی العالم الإسلامی الشیعی أن نلتقی علی مواقف واحدة فهذا أمر عظیم'. معرباً عن أمله فی أن ینجح مشروع عقد المؤتمر العلمائی الوحدوی برعایة شیخ الأزهر والوصول به إلی إطلاق آلیة عمل مستقبلیة'.
وحول لقاء وفد تجمع العلماء مع مفتی الدیار المصریة الشیخ علی جمعة أوضح الشیخ حسان عبد الله أن هذا اللقاء اتخذ طابع الفتوی وتحدثنا بأمور فکریة وحدویة وفقهیة وحدویة وأصولیة وحدویة، ولذلک اخذ اللقاء الطابع العلمی أکثر من الطابع السیاسی'.
وقال: 'إن الشیخ جمعة أشار إلی موضوع محبة أهل مصر لأهل البیت علیهم السلام، وأن موضوع التولی لأولیاء الله تعالی والتبرک بأضرحتهم وما إلی ذلک هو دیدن أهل مصر، والدعوة إلی غیرها حرام وغیر جائز، ومن ضمنها ما یطرحه البعض حول هدم الأضرحة والمقامات وغیرها'.
و أضاف: لذلک کان (الشیخ جمعة) حریصاً علی أن یبدی أنه فی أصل الفهم الإسلامی الدینی لموضوع أهل البیت (ع) أنه ینظر إلیهم نظرة التقدیر العالی، مؤکداً أن مصر کلها متضافرة فی أن الصلاة علی النبی محمد (ص) لا بد أن تکون علی محمد وآل محمد (ص).
وقال: 'إن الشیخ جمعة تحدث عن 42 حدیثاً فی هذا المورد تؤکد أن الصلاة علی النبی یجب أن تکون علی محمد وآل محمد. کما أکد الحرص علی موضوع الوحدة الإسلامیة وأن منعة الأمة هی فی وحدة أبنائها '.

رمز الخبر 165083